الدوريات الرمضانية بسلا.. عودة الفرجة الغائبة إلى ملاعب الأحياء







شهدت العديد من مناطق مدينة سلا، على غرار مختلف المدن المغربية، خلال شهر رمضان الحالي عودة الروح إلى ملاعب الأحياء التي استقبلت دورياتها الرمضانية المعتادة في ظرف استثنائي بعدما غابت بسبب تفشي فيروس كورونا. فمثلما تسبب وباء فيروس كورونا المستجد السنة الماضية فى تأجيل معظم الدوريات الأوروبية والعربية الكبرى، بشكل اضطراري، تسبب أيضا في اختفاء بعض الطقوس الرمضانية ومنها دوريات الأحياء التي حرم عشاقها من متابعة نجومها ومواهبها امتثالا لقواعد الحجر الصحي التي فرضت اعتزال التجمعات. وسرقت الدوريات الرمضانية لسنوات عديدة ألباب الجماهير محليا وربما أكثر من المنافسات الرسمية التي تقام خلال شهر رمضان، وباتت مصدر جذب للعشاق والمتابعين، وقد يعود ذلك لمعرفتهم الوثيقة غالبا بلاعبيها، وحتى حكامها ولجانها المشرفة والمنظمة التي لاتخرج عن دائرة الحي. وتعد هذه الظاهرة ،التي تعرفها مدينة سلا خلال الشهر الفضيل، إفرازا طبيعيا لمدينة عرفت توسعا عمرانيا ونموا ديموغرافيا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت الأندية الموجودة بها عاجزة عن استيعاب طاقات ومواهب مئات الشباب في قمة حيويتهم ونشاطهم، الشيء الذي دفع بمعظمهم إلى البقاء في الحي في انتظار أن يبتسم الحظ لأحدهم فيجد طريقه إلى عالم الكبار. وللحفاظ على لعبة كرة القدم بالأحياء، وتقنينها وتحديثها حتى تواكب التطور الرياضي وترسيخ روح المنافسة الشريفة والرفع من مستوى الرياضة بمختلف المناطق، أحدثت بعض الجمعيات بطولات خاصة بالأحياء، عوض أن تنظم كل جهة على حدة بطولة أو دوريا خاصا بها. وأخذت هذه المواعد الرياضية الرمضانية بعدا آخر، حيث يجتهد منظمو هذه المنافسات في الرقي بمستويات التنظيم والتجهيز حتى تجاوزت بعض هذه البطولات طابعها المحلي اللصيق بالحي، من خلال استضافة مشاركات من مناطق مجاورة. وقبل انطلاق الدوريات، التي غالبا ما تنظم ابتداء من الأسبوع الثاني من رمضان، تجري الاستعدادات على قدم وساق بدءا بتشكيل الفرق واقتناء الأمتعة الرياضية التي يساهم فيها كل المشاركين وتجهيز الرقعة التي ستحتضن المنافسات طوال الشهر وأحيانا البحث عن تعزيز الفريق ب”نجوم” يتم استقطابها من أحياء أخرى. ولا تخلو الاستعدادات لاحتضان دوريات رمضان، من متاعب وصعوبات تواجه المنظمين من جهة والفرق من جهة أخرى، بين إيجاد المكان المناسب قبل الشروع في التفكير في جائزة الدوري الذي له آلياته ونظامه والذي لا يخلو هو أيضا من خلافات حول انتقال اللاعبين من فرق إلى أخرى وإغراء لاعبين آخرين للالتحاق بفريق معين أثناء منافسات الدوري الذي تنعدم فيه للضرورة القواعد الملزمة للفرق. ولنجوم فرق الأحياء أيضا همومهم التي تتلخص في إيجاد الفريق المناسب لإبراز مواهبهم ومحاولة تفادي كرسي الاحتياط الذي يشكل الشبح المخيف لهؤلاء اللاعبين الذين لا يتوانون في الاشتراك في أكثر من دوري بأحياء مختلفة ضمانا لمشاركة فعالة وإشباعا لرغبة دفينة في مداعبة الكرة. ولم تكن هذه الدوريات تقتصر في السنوات الماضية على اللاعبين الهواة، بل كانت تعرف مشاركة لاعبين كانوا نجوما أو صاروا كذلك في وقت لاحق، حيث اشتهر اشتهر البعض منها بمشاركة لاعبين كبار كأيقونة كرة القدم السلاوية موح و المهاجم الشهير محروس و المرحوم عبد المجيد الظلمي وجواد الأندلسي والإطار الوطني فتحي جمال والسوادي وغيرهم. ولعل من أبرز تجليات الاهتمام بهذه الفئة من الرياضيين، إطلاق برنامج وطني لبناء وتجهيز ملاعب القرب في المجالين الحضري والقروي بمختلف جهات المملكة، ضمن شراكات متعددة بين وزارة الشباب والرياضة ووزارة الداخلية، ووزارة الاقتصاد والمالية، والجماعات الترابية والتي تستهدف خلق فضاءات رياضية مناسبة بإمكانها المساعدة على صقل مواهب الشباب وتطوير قدراتهم في المجال الرياضي. وفي هذا الصدد، أشار اللاعب الدولي السابق، مصطفى الحداوي، إلى أن دوريات رمضان تستأنف نشاطها هذه السنة في ظروف استثنائية يطبعها الحذر والمخاوف في ظل تفشي فيروس كورونا الذي فرض إجراءات وتدابير صحية حدت شيئا ما من الحضور الجماهيري الذي كانت تجتذبه هذه الدوريات. وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن دور المسابقات الرمضانية، التي تتميز بطقوسها الخاصة، لا ينحصر في تجزية الوقت والحفاظ على اللياقة البدنية خلال الشهر الفضيل، وإنما مناسبة ايضا للتعارف بين لاعبين من أحياء قد تكون قريبة أو بعيدة وفرصة للتواصل والتعارف بين مناصري الفرق المشاركة. وقال الحداوي إن من شأن الدوريات الرمضانية التي تشهدها مختلف الأحياء بربوع المملكة التشجيع على ترسيخ ممارسة الرياضة داخل الأحياء وحتى بالقرى والمداشر، والتي تجد فيها شريحة عريضة من المجتمع متنفسا ولحظات لاستعادة ذكريات الماضي وانجازات اللاعبين الذين برزوا في هذه الدوريات. من جهة أخرى أوضح أن الدوريات الرمضانية، التي تعرف حضورا للجماهير من مختلف الأعمار ورؤساء جمعيات رياضية وحتى بعض المدربين والمنقبين عن المواهب، تشكل أيضا فرصة لمعاينة لاعبين يمتلكون مؤهلات بدنية وتقنية كبيرة والذين قد يتم اختيار البعض منهم للالتحاق بأحد الأندية المحلية، ناهيك عن كونها تسمح للحكام الشباب بالاحتكاك وكسب المزيد من الخبرة والتجربة. وخلص مصطفى الحداوي إلى أن هذه الدوريات عرفت في السبعينيات من القرن الماضي وخاصة بأشهر أحياء مدينة الدار البيضاء كسباتة والحي المحمدي وسيدي عثمان (…)، مشاركة ألمع نجوم كرة القدم الوطنية الدوليين، الذين كانوا يمارسون آنذاك في كبريات الأندية وخاصة في فريقي الرجاء والوداد البيضاويين أمثال كريمو (ميري) وجواد الأندلسي ومحمد عبد العليم (بنيني) وعبد الحق السوادي وعبد المجيد الظلمي والعربي الشباك وعبد الله السطاتي ورشيد الداودي وغيرهم. وشدد على ضرورة التحلي بالحذر من لدن الجمهور أثناء حضور الدوريات الرمضانية والالتزام بالتدابير الاحنرازية من قبيل التباعد الجسدي ووضع الكمامات والنظافة، حتى لا تتحول الفرجة إلى نكسة ونقل العدوى من ملاعب الأحياء إلى الأسر. (بقلم: توفيق صولاجي) الدوريات الرمضانية بسلا.. عودة الفرجة الغائبة إلى ملاعب الأحياء Maroc News | .

Comments 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الدوريات الرمضانية بسلا.. عودة الفرجة الغائبة إلى ملاعب الأحياء

log in

Captcha!

reset password

Back to
log in
Choose A Format
Gif
GIF format