قال الأكاديمي محمد الشرقاوي، أستاذ تسوية النزاعات الدولية في جامعة ميسن في واشنطن وعضو لجنة الخبراء في الأمم المتحدة سابقا، بأن الطريقة التي يسعى حكام الجزائر الرد بها على مطالب الحراك الاجتماعي لن تزيد الأوضاع في البلاد إلا تأزما، خصوصا مع استمرار أمد المظاهرات وتواصل تدهور الحياة الاجتماعية ووضع حقوق الإنسان في البلاد. ونشر الشرقاوي تدوينة أكد فيها أن “القمع المستمر والمتزايد ضد متظاهري الحراك المؤيدين للديموقراطية” سيؤدي إلى مزيد من “تآكل الرأسمال الاجتماعي بين الدولة والمجتمع”، مشيرا إلى أنه “قد تتمسك الجزائر (الدولة) بمنطق القبضة الأمنية والملاحقة القضائية للمتظاهرين بغية احتواء تحديات المرحلة. لكن هذه الإجراءات التعسفية ستزيد في مستوى الغضب والحنق الشعبي الذي لا يقتصر على جيل الشباب، بل يجد صداه في تظلمات أجيال أخرى”. وأفاد الجامعي المغربي بهذا الخصوص إلى أن مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف نددت “بالحملة التي يشنها المسؤولون الجزائريون لتضييق الخناق على نشطاء الحراك”، كما دعتهم لإنهاء المعاملة العنيفة للمتظاهرين الملتزمين بالسلمية. وقد أكد المتحدث باسم المفوضية روبرت كولفيل أن “هذه التطورات تعكس ما حدث خلال عامي 2019 و 2020، عندما تم القبض أو اعتقال 2500 شخص على الأقل بسبب نشاطهم السلمي”. كما أضاف أن “الملاحقة الجنائية المتواترة في العامين الماضيين للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والطلاب والصحفيين والمدونين والمواطنين العاديين الذين يعبرون عن المعارضة استمرت خلال الشهرين الأولين من هذا العام.” وكانت المفوضية قد تلقّت روايات عن تعذيب وسوء معاملة في مراكز الاعتقال بما في ذلك العنف الجنسي، ما دفعها للدعوة لوقف استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين والحد من الاعتقالات التعسفية والإفراج عن كافة المعتقلين. وبحسب الشرقاوي فإن المسؤولين في الجزائر لا يملون من “إيجاد تبريرات مختلفة لهذه القبضة الأمنية إزاء انتفاضة شعبية قائمة منذ عامين”، حيث يستخدمون ما وصفه بـ”التهم الجاهزة” ضد المتظاهرين، منها “مؤامرة خارجية” أو الترويج لـ”أجندات أجنبية” لزعزعة أوضاع البلاد أو النيل من وحدتها. ومهما استمروا في ذلك، يضيف الأكاديمي المغربي المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، “فإن واقع الحال يعكس فجوة بين جيل الشباب، الذي يصبو لحياة الكرامة وعيشة الرفاه، وجيل الضباط والوجوه السياسية وأصحاب المصالح المالية الذين يرفضون التغيير وعدم المحاسبة على مصير ثروات الجزائر، مما يحوّل الحراك إلى صراع اجتماعي ممتد”. ليخلص في الأخير إلى أن المجتمعات التي تعاني صراعات اجتماعية “طويلة الأمد” تجد “صعوبة في الشروع في البحث عن إجابات لمشاكلها ومظالم مواطنيها”، وفق ما يؤكده إدوارد عازار أحد منظري علم تسوية وفض النزاعات. خبير: علاقة الدولة بالمجتمع الجزائري تآكلت والقبضة الأمنية ستؤزم الأوضاع Maroc News | .
Comments 0