استهل القيادي الاستقلالي عادل بنحمزة رده على ما ورد في تدوينة سيمون سيكيرا بتساؤل، هل فعلا ثمة مسؤولية يتحملها قياديو حزب الاستقلال على مستوى تهجير اليهود المغاربة لاسرائيل؟ ليسترسل في جوابه هذا كلام غير صحيح من الناحية التاريخية ومتهافت من الناحية السياسية وغير بريء من ناحية التوقيت، ذلك أن الحقيقة التاريخية تقول أن تهجير المغاربة اليهود سابق حتى على ميلاد الكيان الصهيوني، فالمغرب منذ نهاية الحرب العالمية الأولى كان من بين أكثر الدول استهدافا من قبل الدعاية الصهيونية، بل أسست منظمات في المغرب تدور في فلك الحركة الصهيونية وتروج للهجرة إلى أرض الميعاد، مستثمرة المشاعر الدينية والعواطف مثل “أهفات تسيون” و “شيفات تسيون” و “حبيت تسيون”، ولا يخفى على أحد كيف واجه المغرب ضغوطات حكومة فيشي المتواطئة مع النازية، لهذا فالحديث عن اضطهاد اليهود في المغرب أمر متهافت ليس له ما يسنده تاريخيا. وأضاف القيادي الاستقلالي عادل بنحمزة، صحيح أنه في فترات طويلة لم يكن هناك تمييز بين الحركة الصهيونية والدين اليهودي، مع الأسف هذا الأمر لازال مستمرا عند البعض إلى اليوم ويمكنكم رصد ذلك في بعض الشعارات التي ترفع في مسيرات التضامن مع القضية الفلسطينية، وهذا الأمر كان شائعا لفترة طويلة ووجد له صدى في الإعلام الوطني في تلك الفترة كما كان في مقابل ذلك الاحتفاء بانتقال مغاربة من الديانة اليهودية إلى الإسلام، وهذا الأمر كان عاديا وطبيعيا في مجتمع عاش مثل هذه الوقائع منذ سقوط الأندلس، لهذا فمحاولة تصوير ذلك على أنه سياسة حزبية تسعى لتهجير اليهود المغاربة، خاصة من خلال كتابات دافيد عمار، وهو مايعني أن ذلك الطرح كان مجرد طرح متهافت ويتناقض وموقف حزب الاستقلال وقيادته من القضية الفلسطينية، إذ كان علال الفاسي أول من أخبر بموعد انطلاق الكفاح الفلسطيني المسلح، إذ كيف يستقيم أن يساهم حزب علال الفاسي الرافض للصهيونية بشكل غير مباشر في تعزيز ديموغرافية الكيان الصهيوني؟ هذا منطق مقلوب وغير متماسك بتاتا، دون أن ننسى كيف اكتشف التهجير السري لليهود المغاربة من خلال الحادثة الشهيرة لسفينة “Pisces” سنة 1960، حيث راح ضحيتها عدد من المغاربة اليهود وهو ما فتح ساعتها كثيرا من الأسئلة حول موقف القيادات اليهودية السياسية والدينية ومن كان يوفر الغطاء لتلك الهجرة، إذ يمكن القول بأن اليهود المغاربة كانوا ضحايا عبر الدعاية الصهيونية وعبر الظروف القاسية التي طبعت عمليات التهجير وهذا الأمر كانت تشرف عليه الوكالة اليهودية واستهدفت فقراء اليهود الذين سيعانون داخل الكيان الصهيوني من عنصرية مقيتة في إطار ثنائية الأشكيناز والسفارديم، وهي عنصرية لم تكن موجودة في المغرب إطلاقا، لهذا محاولة اختزال الأمر وتوجيه التهمة لحزب الاستقلال هو أمر فيه كثير من التبسيط والاختزال ويمثل تعسفا على الحقيقة التاريخية ونوعا من التبرير المتأخر للفكرة الصهيونية. وتساءل القيادي الاستقلالي كمتتبع لتطورات القضية الفلسطينية والوضع العربي في الأونة الأخيرة ما سبب الخرجة الاعلامية لسيمون سكيرا الكاتب العام لفدرالية اليهود المغاربة بفرنسا؟ ليجيب في الواقع لا أعرف رهانات سيمون سكيرا ولا الأهداف التي يسعى إليها ولو أن السياق ربما يكشف أن ذلك لا ينفصل عن المساعي الجارية والتي تحاول تقديم المغرب وكأنه البلد التالي في أجندة التطبيع الجارية حاليا، سواء من خلال إدعاء المظلومية أو الاستثمار في عقدة الذنب وهذه كانت إحدى مرتكزات الدعاية الصهيونية على مدى عقود، في حين يشهد التاريخ أن عددا من اليهود المغاربة كانوا ضمن صفوف الحركة الوطنية مثل جو أوحنا كما أن عددا كبيرا ظل وفيا للمغرب ومعارضا للصهيونية، ولا يجب أن نغفل أن أول متضرر من هجرة اليهود المغاربة، كان هو المغرب نفسه، إذا غادرته نسبة كبيرة ولو استمرت في بلادها لكانت اليوم تمثل حوالي مليون ونصف مغربي يهودي وهذه خسارة ثقافية وحضارية كبيرة لا تعوض، وهو ما كان يفسر استهداف المغرب لأنه كان يحتضن أكبر طائفة يهودية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. بنحمزة لـ”فبراير: حزب الاستقلال لم يهجر اليهود وسيكيرا يخدم أجندة صهيونية Maroc News | .
Comments 0