لا يزال ملف المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم، يحضى بأولوية كبرى، لدى الدولة الإسبانية. وتريد الحكومة الإسبانية أن تعالج منذ اللحظة الأولى واحدة من أكثر المشكلات ترسخًا، والتي نشأت عن الهيئة التشريعية السابقة؛ وهي مشكلة المهاجرين القُصّر الأجانب، غير المصحوبين بذويهم. وقبل أسبوعين، اقترح وزير السياسات الاجتماعية، ألبرتو رييرو، عقد اجتماع للتوصل إلى ما يمكن أن يكون أول اتفاق للسلطة التشريعية، وهو ما حدث يوم أمس. « لقد شاركنا البيانات التي لدينا في الوزارة… وكنا شفافين »، قال رييرو، بعد اجتماع دام أكثر من ساعة مع جميع الممثلين، « سنقدم هذه البيانات، وأيضًا التشخيص الأول للوضع، وهو مفتوح للآراء ». وساهم كل حزب سياسي في إسبانيا برؤيته للمشكلة في « اجتماع استكشافي »، كما يقول رييرو، « لقد كان التشخيص الأول الذي وضعنا فيه هدفين: ضمان رفاهية هؤلاء الأطفال، والتي يجب حمايتها بموجب اتفاقية حقوق الطفل، وتحسين التعايش مع الجيران ». ووفقًا لأحدث البيانات التي سجلتها الوزارة، من يناير إلى شتمبر من هذا العام، يوجد 1028 قاصراً أجنبياً غير مصحوبين في نظام الوصاية، وهو ما يمثل 10 بالمائة من الأطفال المهاجرين، بينما في 2018 كانوا 1426. وبالمثل، تم تقديم 4032 قاصر منذ عام 2015، وسيكون 200 منهم في سن قانونية بحلول عام 2020. وفي العام الماضي، كان سبعة من كل عشرة أطفال تحت وصاية إسبانية 29 في المائة منهم غير مصحوبين بأهاليهم، معظمهم قادم من المغرب، ضمن قاصرين من 40 جنسية مختلفة. ما لا يمكنهم التنبؤ به من الوزارة هو كيف سيتطور هذا الرقم خلال الأشهر القادمة، وبهذه الطريقة، حدد المستشار أنهم يريدون « تقديم الاتفاق في غضون ثلاثة أشهر ليتم اعتماده »، مضيفا أن وزارته قد ميزت « الالتزام بهذا التحدي »، و »نحن نريد أن تكون حالات نجاح الإدراج معروفة ». وعلى الرغم من أن الوزارة، في الوقت الحالي، تفضل عدم طرح أي مبادرة حتى يتم تحديد مدى الوضع الراهن، لكن الحقيقة هي أن رييرو نفسه تقدم بمبادرة في فبراير الماضي لتسهيل إعادة تجميع الأسرة مع القاصرين من خلال التعاون مع البلدان الأصل، وعلى رأسها المملكة المغربية. أظهر كل من حزب « بوديموس » ، و »ثيودادانوس » و »حزب العمال الاشتراكي الإسباني » دعمهم للوصول إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن، لكن « فوكس » اليميني كان أكثر ترددًا. اتفاقية مجهولة المغرب أبرم اتفاقا ثنائيا مع إسبانيا في 2007، من أجل مواجهة سيل المهاجرين القُصّر الموجودين تحت رعاية حكومات إسبانيا الإقليمية. ويتضمن الاتفاق الثنائي الذي يرجع إلى سنة 2007، والذي تم تفعيله في أكتوبر من سنة 2012، تعهدا مغربيا بتحديد القاصرين وعائلاتهم، وهو بدأت المملكتان في دراسة تطبيقه هذا العام. روبرتو آباد، أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة « ديوستو »، ببلباو الباسكية، والمدافع عن حقوق المهاجرين القصّر بإقليم الباسك، يقول في تصريح لـ »فبراير »، أن بنود هذه الاتفاقية غير معروفة، كأنها « محاطة نوع نوع من السرية، ولا نعرف عنها إلى ما نقرؤه في الصحافة ». آباد الذي زار المغرب مرارا، يقول أنه يعرف الوضع الاقتصادي للبلاد، وأنه « ليس ضد التحاق الأطفال بمحيطهم العائلي والثقافي »، ولكنه أيضا يطالب بـ »معرفة كيف أسباب هجرتهم، هل هي اقتصادية، اجتماعية، أم عائلية، دفعتهم إلى الخروج »، فهذا هو « النهج الصحيح »، حسب قوله. ويضيف آباد لـ »فبراير »، هل هؤلاء القُصّر « يريدون العودة إلى عائلاتهم »، معتبرا أن مطالبة بعض الدول الأوروبية بأن تصبح الدولة المغربية طرفا معنيا، في عودتهم هو نوع من « التخلي عنهم »، ورمي « المسؤولية على الحار الإفريقي ». تعذرت محاولات « فبراير » في الوصول إلى بعض القاصرين المغاربة في إسبانيا، عن طريق الهاتف، لكننا استطعنا عن طريق فاعل مدني الوصول إلى عائلة أحدهم بالمغرب. الفقر والمغامرة يدعى مصطفى ويبلغ من العمر (45 عامًا ولكن يبدو أنه يبلغ من العمر 60 عامًا)، يعمل على بيع السمك في أسواق بوجدور.. « هذا هو الشيء الوحيد الذي لدي، هو اللي قسم الله »، يقول الأب لـ »فبراير »، . أب فقير، ينحت الصخر من أجل عائلته المكونة من خمس بنات، زوجة وطفل، أكبرهم يعيش الآن في مركز للقاصرين بجزر الكاناري، « لقد أعطيناه كل الأموال التي يمكننا أن ندفعها مقابل الهجرة، إنه الشيء الوحيد الذي يمكننا تقديمه له »، « هنا ما عندي ما ندير ليه »، يقول الأب وقد طغى على صوته القهر والبؤس الذي ترجمته تلك البحة التي لا يمكن تفسيرها. تعيش الأسرة وفق ما يقوله الأب، في منزل يكترونه من رجل صحراوي، وفي بداية العام؛ وبعد إلحاح الفتى، اتخذت قررت إرساله، إلى الضفة الأخرى، شاقا عباب البحر، بحثا عن مستقبل هناك، « مستقبل كان يمكن أن يموت دونه »، قلنا للأب، فأجابنا قائلاً، « إذا استطعت، فسأضعه تحت ذراعي، لكن هي الطريقة الوحيدة التي سنوفر له بها حياة أفضل ». محمد سالم الشرقاوي، الرئيس السابق لـاللجنة الجهوية لحقوق الإنسان »، بالعيون الساقية الحمراء، يرى في تصريحه لـ »فبراير » أن قضية المهاجرين القصّر، قضية متداخلة الخيوط، بين ماهو حقوقي وما هو سوسيولوجي، بين البحث عن حياة أفضل وضمان هوية للطفل غير ممزقة. الشرقاوي الذي يرأس الآن منظمة « السلم والتسامح للديمقراطية وحقوق الإنسان »،-غير حكومية-، يقول أن مسؤولية عودة المهاجرين القاصرين « تنقسم بين الدولة الأم، باعتبارها المسؤول عن ضمان الحقوق الأساسية لهذا الطفل، كالتعليم، الأمن والصحة، والعائلة باعتبارها الحاضن والمربي ». ولكن في مقابل ذلك، يرفض الشرقاوي عودة القاصرين « ما لم تتوفر لهم في موطنهم هذه الشروط »، بحيث لا « يمكن بأي شكل من الأشكال أن نعيد صبيا إلى عائلة يوجد بها أب مدمن، أو عائلة تدفع بأبنائها نحو امتهان السعاية والتسول »، كما « لا يمكن إعادة الأطفال إلى مناطق التوتر والحروب ». ووصل في عام 2018، نحو ألفٍ من القاصرين غير المصحوبين إلى مدريد فقط، وحتى الآن في عام 2019، وصل 652 مهاجرا قاصرا. وحددت الحكومة الإسبانية، تمويلا بقيمة 40 مليون يورو لمساعدة الأقاليم التي تحتضن القاصرين، ومن هذا المجموع، تلقت محافظة مدريد فقط 1500 يورو، بينما تُكلف خدمة الأطفال بين 120 و150 يورو يوميًا للشخص الواحد، وفقًا لمصادر حكومية إسبانية. وتجدر الإشارة، إلى أن مجموع المهاجرين القاصرين يبلغ 4100 طفل، تحت حماية المجتمع المدني بمدريد، ينحدرون من 50 دولة مختلفة، وفقًا للبيانات المقدمة من حكومة مدريد الإقليمية. المهاجرون المغاربة القصّر بين كابوس العودة والحلم الأوروبي Maroc News | .
Comments 0