سلمت تيريزا ماي مفاتيح « 10 داونينغ ستريت » إلى رئيس وزراء جديد مثير للجدل هو بورس جونسون، ومعها ستترك للأخير أيضاً شظايا حزب محافظ مقسم عليه لملمتها، وستورثه أغلبية برلمانية هشة والأهم أزمة سياسية عنوانها العريض « بريكست ». انتخابات عامة مفاجئة لعل قرار ماي بالدعوة إلى انتخابات عامة في 2017 سيدون كأحد أبرز أخطائها السياسية. فمع ارتفاع حظوظ المحافظين في استطلاعات الرأي، أشاد الكثيرون بهذا الأمر باعتباره « ضربة استراتيجية » رئيسية، يمكن أن ترفع الأغلبية البسيطة التي ورثتها هي الأخرى عن سلفها ديفيد كاميرون، وتوفر مساحة كبيرة للمناورة تحتاج إليها بشدة للدفع نحو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حتى إن صحيفة « ديلي ميل » وصفت حينها خطة ماي هذه بـ »سحق المخربين ». لكن الأمور لم تمضِ على هذا النحو المأمول، بعدما جاءت النتائج في 8 يونيو 2017 لتفقد المحافظين أغلبيتهم. تفعيل المادة 50 بدون خطة واضحة ربما كان أكبر أخطاء ماي تفعيل المادة 50، دون استراتيجية واضحة لكيفية التعامل مع سلسلة معقدة من المفاوضات تنتظرها في أروقة الاتحاد الأوروبي. ضعف التحضير والخبرة التفاوضية رجح كفة الاتحاد الأوروبي الذي يضم مجموعة تفاوض شكلت من 27 اقتصاداً وقفت ماي أمامهم وحيدة. « بريكست يعني بريكست » عندما وصلت ماي إلى رئاسة الوزراء في بريطانيا، وضعت بغتة تحت ضغوط شديدة للكشف عن رؤيتها حول « بريكست ». فجانب من أعضاء حزبها المحافظ كان يدفع في اتجاه التوصل إلى ما يعرف بـSoft Brexit الذي على أساسه تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي، لكن دون أن تبتعد كثيراً عن أسواقه، وفق نموذج شبيه بالتجربة النرويجية والسويسرية. في المقابل، طالبها أغلب المناصرين لـ »بريكست » داخل حزبها بالتفاوض على Hard Brexit، لتنسحب وفقه بريطانيا من مؤسسات الاتحاد الأوروبي وأسواقه معاً. وبالتشاور مع فريق صغير من المستشارين، اتجهت بوصلة ماي صوب المعسكر الثاني داخل حزبها، مستخدمة عبارتها الشهيرة: « بريكست يعني بريكست ». هذا يعني أن بريطانيا ستغادر السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي والمحكمة الأوروبية العليا.. المشكلة هنا هي أن وعود ماي كانت غير متوافقة مع أهدافها التفاوضية المتمثلة في الإبقاء على علاقات وثيقة بالاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالأمور الاقتصادية، والحفاظ على بعض قواعد وتعريفات الاتحاد إلى جانب الحفاظ على الوضع الراهن في إيرلندا. فشل « بيع » الصفقة الصفقة التي توصلت إليها ماي مع الاتحاد الأوروبي، رفضت من قبل البرلمان 3 مرات، حجر العثرة الأبرز كان ما يعرف بـBackstop الذي تطرق لمسألة الحدود بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية. وذهب محللون للقول إن ماي لم تكن « مندوبة مبيعات جيدة » لتسويق صفقتها، بحسب ما نقله موقع « بزنس إنسايدر ». إغلاق الباب أمام التسويات إحدى زلات ماي أنها في أعقاب نتائج الانتخابات العامة « الكارثية » عام 2017، لم تتبع استراتيجية مختلفة، خاصة في التعاطي مع نواب حزب العمال لتحديد أي نوع من « بريكست » قد يحظى برضا الأغلبية في مجلس النواب. اختارت بدلاً من ذلك السعي لتحقيق رؤية لـ »بريكست » تستند إلى كونه « مشروعاً للحزب المحافظ » وليس هدفاً سياسياً مشتركاً بين الأحزاب البريطانية، رغم أنه كان من المستبعد دائمًا أن تنجح رئيسة الوزراء في تمرير صفقة « بريكست » بدون أصوات حزب العمال. لكنها بدت كمن لا يعترف بهذه الحقيقة.. إلا بعد فوات الأوان. بحلول الوقت الذي سعت فيه لإجراء محادثات مع حزب العمال في أبريل 2019، كانت الانقسامات البرلمانية بلغت حدتها، أما مصداقية ماي في أوساط المعارضة فوصلت للقاع. وبدا للخصوم أن انتهاء مشوارها بات وشيكاً، وكما يقال في عالم الأعمال: « لا داعي لإبرام صفقة مع شركة على أبواب تغيير مديرها ». 5 قرارات خاطئة أطاحت بسيدة بريطانيا « الحديدية » Maroc News | .
Comments 0