أعيد نقاش اللائحة الوطنية للشباب، والكوطا المخصصة لهذه الفئة في الاستحقاقات التشريعية، طرح نفسه بقوة بين الشبيبات الحزبية، فهناك من اعتبره مكسب تحقق بحد حراك 20 فبراير، وهناك من اعتبره ريع تستفيد منه طبقة من أبناء الأمناء العامين للأحزاب، ومن يدور في فلكهم. هذا النقاش الذي لا زال مستمرا في الحوارات التي تجمع الأحزاب السياسية بوزارة الداخلية، لم يوجد له مخرج بعد، حيث أن وزارة الداخلية تدفع بلوائح جهوية للشباب، وانقسم الأمناء العامون للأحزاب بين مؤيد ومعارض للفكرة، في الوقت الذي عبرت فيه 7 شبيبات حزبية عن دعمها الكامل للإبقاء على اللائحة الوطنية للشباب كما هي الآن. في هذا الصدد، نستضيف في “فبراير”، القيادي الشاب بالاتحاد الاشتراكي، فتح الله رمضاني، لمناقشة الموضوع وتحليله من زاويا مختلفة. في البداية مرحبا الاستاذ الرمضاني..كلما اقترب موعد الاستحقاقات التشريعية تثار إشكالية اللائحة الوطنية للشباب، كيف تابعتم هذا النقاش؟ شكرا لموقع “فبراير” على هذه الاستضافة.. علاقة بالسؤال المطروح فأعتقد أن المسألة لا تتعلق بإشكالية من الأساس، هو نقاش طبيعي، بل عادي ومفروض، يجب أن يكون مضمونه نقاشا موضوعيا، وهدفه الاستمرار في تطوير وتجويد النموذج الديمقراطي المغربي فيما يتصل بالعمليات الانتخابية، حتى نزيد من منسوب نزاهتها والأهم عدالتها، وبصورة تتأسس على تكريس المبادئ الموجهة للديمقراطية، وهو النقاش الذي يجب أن يدار أو يثار بطبيعة الحال دون تجاوز أو إغفال للشروط الموضوعية، المرتبطة بالسياق العام سواء بمسار البلد في بناء نموذجه الديمقراطي، أو بطبيعة الظرفية السياسية الحالية، وكذلك دون إغفال للشروط الذاتية، المرتبطة بالإضافة إلى طبيعة الحياة الحزبية المغربية، بطبيعة السلوك الانتخابي للناخب المغربي. عموما، يجب التأكيد على أن كل النقاشات التي تصاحب عملية التحضير لأي استحقاق وطني، هي نقاشات صحية ومطلوبة، فقط إن انكبت على نقاش المنظومة الانتخابية في شموليتها، لكن وفيما يتعلق بالنقاش المفتوح حول اللائحة الوطنية، بخصوص إلغائها أو الإبقاء عليها، يلاحظ أنه يوجه لجزئها المتعلق بالشباب فقط، في حين أنها لائحة وطنية تضم جزأين، جزء مخصص للنساء والجزء الآخر للشباب من الجنسين بشرط ألا يزيد سنهم على أربعين سنة شمسية في تاريخ الاقتراع، ما يعني أن النقاش في أصله، ليس حول اعتماد لائحة وطنية بالإضافة إلى لوائح محلية، بل هو حول تمتيع الشباب بهذا الامتياز أو التمييز، هل هو تمييز مشروع أم غير مشروع؟ والحقيقة أنه نقاش متعلق بنمط الاقتراع، وهو ما يحسم بالتوافق وبالتوجه العام الذي يحكم اختيارات الفاعلين، وهذا هو الفيصل بين مشروعية هذا التمييز وكل تمييز من عدمها. هناك من اعتبر الكوطا الممنوحة للشباب ريعا، وهناك من وصفها بالمكسب، أين يتموقع موقفك كفاعل سياسي شاب؟ أعتقد أن موقفي واضح من خلال إجابتي على السؤال الأول، صحيح أن التجارب العالمية لا تزكي منح الشباب امتيازا، بتمتيعهم بالتمييز الإيجابي، على اعتبار أن التمييز الإيجابي غالبا ما يكون آلية لضمان تمثيلية فئات تعتبر أقليات انطلاقا من شروط ومن اعتبارات معينة لا يندرج ضمنها شرط أو اعتبار السن، لكن لا يمكن أبدا وصف هذا التمييز بالريع، لأن الأمر يتعلق باقتراع، وبنمط، وبآلية متوافق عليها من أجل ضمان تمثيلية فئة الشباب داخل المؤسسة التشريعية، وبشكل يتأسس على مجموعة من الاعتبارات أهمها –في تقديري- ما هو ثقافي، وما هو حزبي، وما هو سياسي، كما لا يمكن اعتباره حقا ومكتسبا، لأن الأمر يتعلق بآلية ظرفية، الهدف منها بالإضافة إلى الإجابة على سؤال التشبيب والتجديد، هو تأهيل هذا الشباب من أجل أن يخوض تجربة الانتخابات في مرات أخرى كمرشح في اللوائح المحلية سواء تعلق الأمر بالانتخابات التشريعية أو الجماعية، وهذا هو ما يجب أن يتأسس عليه نقاش تقييم تجربة اعتماد اللائحة الوطنية بصفة عامة. مقاطعا…العديد من الأمناء العامون عبروا عن رفضهم للائحة الوطنية للشباب، ما سبب ذلك في نظرك؟ أبدا، الأمر ليس رفضا للائحة الوطنية للشباب، لأن القوانين التي تنظم العملية الانتخابية بالمغرب لا تتضمن أساسا لائحة وطنية للشباب، فالأمر يتعلق بلائحة وطنية بجزأين، جزء للنساء وجزء للشباب، عموما ما يروج على هذا المستوى، هو أن هناك إجماع حول إلغاء اللائحة الوطنية في صورتها الحالية، مع التفكير في اعتماد صورة أخرى تكون أكثر فعالية، وتجيب على كل الأسئلة المثارة حولها اليوم، خصوصا كي لا نكون أمام مقاعد ممنوحة، ولكي نضيف جرعات أخرى من العدالة على تماريننا الانتخابية. هل تعتقد أن ترشيح الشباب في اللوائح المحلية سيعزز مشاركتهم في الفعل السياسي؟ الأصل أن هذا هو الغاية الأساسية من استفادة الشباب من التمييز الإيجابي، أي تأهيلهم لخوض غمار الانتخابات كمرشحين في اللوائح المحلية، لكن وبموضوعية، يبقى هذا الأمر صعبا في الظرفية الحالية، وصعوبته ترجع إلى العديد من الاعتبارات كما قلت سابقا، منها ما هو ثقافي، ومنها ما هو مرتبط بالسلوك الانتخابي للناخب المغربي، ومنها ما يجد أساسه في موقع الشباب داخل الأحزاب المغربية، على العموم فالحديث عن ضمان تمثيلية الشباب داخل المؤسسات المنتخبة، هو حديث عن اثنين من أهم المبادئ الموجهة للديمقراطية، أي أنه حديث عن مبدأي التجديد والتشبيب، وهو ما يجب أن يحكم أي اختيار على هذا المستوى. وزارة الداخلية تقترح لوائح جهوية للشباب، هل تعتبره اقتراحا عمليا في هذه ظل هذا النقاش؟ هذا اقتراح لمجموعة من الأحزاب، على رأسها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأتذكر أنه قبل استحقاقات 2016، فتحنا في الحزب وفي الشبيبة الاتحادية نقاشا حول اللائحة الوطنية للشباب على الصورة التي كانت عليها حينها، حيث كانت هناك مجموعة من الآراء الرامية إلى تطوير التجربة، كاعتماد لائحة بترتيب تفاضلي أساسه النتائج التي حصل عليها كل مرشح ضمن اللائحة، أو اعتماد لوائح جهوية عوض اللائحة الوطنية، وهو ما اقترحه اليوم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بخصوص توسيع تمثيلية النساء والشباب ومغاربة العالم أيضا، وما دافع عنه الأخ الكاتب الأول في كل الاجتماعات التي جمعت المسؤولين الحزبيين بوزير الداخلية بتكليف من رئيس الحكومة، وهي الاجتماعات التي يجب أن ننوه بها ونعبر عن ارتياحنا لانطلاقها في هذا الوقت السابق لتاريخ إجراء الاستحقاقات، ختاما إن نقاش الآليات كل الآليات يجب أن يكون أساسه ومضمونه والغاية منه الرغبة والإرادة في الدفع بتكريس نزاهة وعدالة العمليات الانتخابية وفقط. الرمضاني: لا يمكن اعتبار اللائحة الوطنية للشباب ريعا ولا حقا مكتسبا Maroc News | .
Comments 0